التأتأة والخوف!
"لقد قضيت وقتاً طويلاً من حياتي أعاني من الخوف و القلق من التحدث أمام الناس"
جاء هذا على لسان ميجان واشنطن- الاسم المشهور في عالم الموسيقي- أثناء كلامه عن التأتأة على منصة "Tedx".
سنتحدث في هذا المقال عن كل التفاصيل حول علاج التأتأة والخوف و القلق، وهل التأتأة والخوف تسبب مشاكل جسيمة في حياة المتلعثم أم لا؟!
ما هي التأتأة؟
قبل أن نتعرف عن التأتأة والخوف علينا أولا التعرف على تعريف التأتأة.
اضطراب التأتأة (stuttering) هي أحد اضطرابات النطق التي تبدأ في مرحلة الطفولة خاصة عند سن 5 سنوات، وتكون نتيجة تغيرات جينية أو بيئية.
يعاني الطفل المتلعثم من حدوث حبسة كلامية في بداية الكلام وعدم القدرة على مواصلة عدد كبير من الكلمات بسلاسة وسهولة.
يعد التلعثم أحد أصعب المشكلات التي يعاني منها الأطفال، نظراً لصعوبة وطول مدة التحكم في التأتأة.
التأتأة والخوف
كل المتلعثمين الكبار كانوا يشعرون في صغرهم أن مشكلة التلعثم والخوف سوف تنتهي تماماً عندما يكبروا.
ولكن عندما دخلنا المدارس الثانوية والجامعات أدركنا تماماً أنه رغم كل هذا الأمل والمحاولات في إخفاء التلعثم إلا أنها أصبحت جزء منا.
معظمنا يعلم تماما أننا أكبر من التلعثم، وأن التلعثم ما هو إلا جزء بسيط من حياتنا لا يمثل أي شئ.
ولكن مع هذا حينما نواجه مواقف الكلام مع الناس نلقى كثيراً من الخوف و القلق في قلوبنا معبراً عما يدور في أذهاننا من التأتأة والخوف.
أسباب التأتأة عند الشباب
يوجد العديد من أسباب التأتأه عند الشباب فقد تكون:
- جينية، كوجود تاريخ عائلي مرضي من الاصابة باضطراب التلعثم.
- بيئية، كوجود مؤثرات بيئية على الشخص تضعه في حالة قلق وخوف دائمين كانفصال الأب والأم أو التعرض لصدمة نفسية في الصغر.
- وجود خلل في التواصل العصبي بالمخ، وهي التأتأة التي تحدث بسبب حادث أو التعرض لخبطة شديدة في الدماغ، وتسبب التأتأة المفاجئة.
هل نخاف من التأتأة أم ماذا؟
الحقيقة أن معظم المتلعثمين لا يخافون من التلعثم نفسه ولكن خوفهم يكون من المستمعين وانفعالاتهم وأحكامهم عليهم.
قالت" سوسانا باركن" المتلعثمة التي تخرجت عام 2013 من معهد الكلام بواشنطن أن..
" يجب علينا فعل الأشياء بالرغم من الخوف منها، ففي بعض الأحيان علينا الفعل دون النظر إلى العواقب، بل ويجب علينا أن نفعلها لأننا نخاف منها!"
علاج التأتأة والخوف عند الكبار
الخوف شئ طبيعي يحدث لكل الناس، كالخوف من الظلام والخوف من المحيطات.
ولكننا كمتلعثمين نخاف الكلام أمام الناس، نخاف من وجود جمهور أمامنا أثناء الكلام وهو ما يسبب الضغط والتوتر.
ولا نحتاج أن نقول أن التلعثم والتوتر يجب ألا يجتمعان على شخص.
التأتأة والخوف ليس من السهل أبداً التغلب عليهم، ولكن في نفس الوقت علينا ألا ندع هذا الخوف يكبل ويحجم من طاقتنا وقدراتنا.
وهناك العديد من الطرق التي يمكننا استخدامها لخداع المخ لإبعاد الخوف عنه، وهو ما يمكن أن يساعد في إكساب الثقة بالنفس أمام الناس.
سنوضح فيما يلي تمارين لعلاج التأتأة:
1- ممارسة التنفس العميق ببطء.
- وذلك عن طريق ملئ الرئتين بما يمكن أن تحتمله من الهواء ثم إخراج هذا الهواء تماماً قبل بدء الكلام.
- لا تحاول التحدث ورئتيك ممتلئة بالهواء.
- يساعد التنفس العميق ببطء على ارتخاء العضلات والمخ.
- تعد تلك الطريقة من أكثر الطرق ذكاءً لمحاربة الخوف قبل مواجهة الناس.
2- التوقف لبرهة أثناء الكلام.
- أوضح الخبير "هوجو جورجي" أهمية التوقف للحظات أثناء الكلام.
- وخلال التحدث عن تلك النقطة عليك العلم أنه كلما حاولنا إخفاء التلعثم، زادت الحالة سوءاً.
- يساعد التوقف أثناء الكلام على منع حدوث الحبسات الكلامية.
- وعليك الوعي تماما أن مربط الفرس في التحكم في تلعثمك هو تقبلك كونك متلعثما.
3- التأتأة عن عمد.
- يساعد هذا التمرين على إكسابك التعود على كلامك والإحساس بالتحكم فيه.
- فحينما تحاول التلعثم عن عمد تجد الناس لا يستطيعون التفريق بين تلعثمك الحقيقي والمصطنع، وهو ما يجعلهم لا يكترثون بتلعثمك تماماً.
- يساعد هذا التمرين أيضا على فهمك للتلعثم غير الإرادي، كما يساعد على التخلص من التأتأة والخوف.
التخلص من التأتأة نهائيا عند الأطفال
لا شك أن كل أب أو أم لديه طفل متلعثم فهو يعاني من كثير من الالام و القلق خاصة وأن اضطراب التلعثم من الاضطرابات التي ليس لها علاج قاطع الى الان، وكل ما أوجده العلماء هي محاولات للوقاية من المرض ومحاولة تخفيف من حدة التأتأة.
سوف أوضح لكم الان بعض النصائح التي يجب اتباعها مع الطفل المتلعثم او المصاب بالتأتأة للتقليل من مشكلة صعوبة الحديث بالنسبة له وهي كالاتي:
- اعلم تمام العلم أن طفلك سليم ذهنياً وأن كل مشكلته تكمن في نطق الكلمات و خوف دفين من الكلام.
- استمع لطفلك بانصات ولا تظهر أي علامات ضيق أو ضجر وهو يتكلم، فلا شئ أغلى عنك من طفلك حتى لو تلعثم مائة مرة.
- احرص على أن تقول لطفلك العديد من الكلمات التشجيعية والتحفيزية حتى يستطيع أن يواصل ولا يخاف من مواجهة المواقف المختلفة.
- اهتم تماما بأن يحفظ ابنك القران الكريم، فيساعده القران على فصاحة اللسان والجرأة في التعامل، فاعتقد أن العلاج بالقران يفيد جدا في اضطراب التأتأة.
- اذهب الى مدرسة الطفل وأخبر الملعلمين بمشكلته حتى يدفعوا عنه حالات التنمر النفسي التي يقوم بها الاطفال الآخرين لتجنيبه الكثير من مشكلات نفسية قد تصعب عليه الحياة.
- اطلب من طفلك أن يتكلم في التجمعات العائلية ولا تشعره بأنك تشعر بالاحراج و التوتر خوفاً من التأتأه المصاب بها.
- مد الطفل دائما بالمشاعر العاطفية المطلوبة واجعله دائم الشعور بالأمان والحب والهدوء والطمأنينة، فتلك المشاعر تقلل أحاسيس الخجل والقلق والخوف وتساعد على التخفيف منها.
- اهتم بالذهاب مع طفلك الى أخصائي التخاطب والنطق ولا تشعر بالخوف والخجل من تلك الخطوة، فتساعد تلك الخطوة كثيراً في تحسين حالة النطق بالنسبة للطفل وتسبب نتيجة ايجابية كبيرة.
- اذا بلغ الطفل مرحلة المراهقة، تحدث اليه باستمرار وأوجد له كل أسباب الهدوء والسكينة حتى يستطيع مواجهة العالم في تلك الفترة الصعبة، واعلم أن الأطفال في تلك الفترة يكونوا في أشد الحاجة لابائهم.
- لا تتردد في أن تذهب بطفلك الى طبيب نفسي في مرحلة المراهقة اذا لاحظت عليه علامات الخوف والرهاب الاجتماعي والاكتئاب، فصحته النفسية هي أكبر داعم له في رحلة علاج التأتأة والتلعثم.
- قم بتحفيظ طفلك تلك الايات من سورة طه التي جاءت على لسان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - " رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي" فالقران يجعل في القب نوراً.
بعض الأسئلة الشائعة..
هل من الممكن أن تكون التأتأة وراثية؟
أوضح العلماء أن للتأتأة بعض العوامل الوراثية التي قد تسبب انتقال هذا الاضطراب بين أفراد العائلة الواحدة، لذا فنعم التأتأة من الممكن أن تكون وراثية.
هل الخوف يؤدي إلى التأتأة؟
أوضح العلماء أن التأتأة والخوف نتيجة وسبب لبعضهما، فالخوف يسبب التأتأة، وأيضاً التأتأة تسبب الخوف الشديد من مواجهة مواقف الكلام و تجنب المرء لتلك المواقف بشكل دائم خوفا من الوقوع في المشاكل.
هل هناك علاقة بين التأتأة والرهاب الاجتماعي (social phobia)؟
بالتأكيد أن كل من لديهم مشكلة أو داء بالكلام يعانون غالباً من الرهاب الاجتماعي، فتجد الطفل في المدرسة خاصة في اﻟﻣرﺣﻟﺔ الاعدادية والثانوية يتجنب تماما الدخول في أحاديث أو موقف من مواقف الكلام مع زملائه قد تظهر المشكلة وهي عدم الطلاقة التي يعاني منها لسانه.
لذا فان التلعثم والرهاب الاجتماعي في الغالب متلازمتين لا وجود لأحدهما بدون الاخر.
في نهاية مقال التأتأة والخوف عليك التعرف على:
- التأتأة والخوف متلازمتان يمكن التعامل معهما.
- علاج الخوف يكمن في تمارين الاسترخاء والنفس والتحدث ببطء، والتوقف للحظات أثناء الكلام.
- أهم خطوة في التخلص من التلعثم عند الكبار تكمن في تقبل كونك متلعثماً، فإذا تقبلت نفسك على حالها، تقبلك كل الناس.
- وكذلك للاباء دور هام في رحلة تخلص الاطفال من أنواع التأتأة المختلفة والخوف والرهاب الاجتماعي، وعليكم الالتزام بما جاء في المقال من نصائح مختلفة.
في النهاية أوضحنا في هذا المقال كل التفاصيل حول علاج التأتأة والخوف من الكلام عند الأطفال والكبار وأجبنا على سؤال " كيف يمكن التغلب على التأتأة؟".
وعليكم العلم أيها الاباء أن الأطفال هم هبة من الله- عز وجل- فاحفظوا تلك الهبة ولا تتضجروا منها فكل عطاء الله محمود حتى وان كان طفلك يعاني من تأتأة.