الاكتئاب الصباحي هو شعور الفرد بحالة مزاجية سيئة عند استيقاظه من النوم دون وجود أسباب واضحة لهذا الشعور، وبالطبع يكون لذلك الأمر تأثيره الواضح على أداء الشخص في عمله وكذلك على تعاملاته اليومية في فترة الصباح.
نظرًا لخطورة هذا المرض على نشاط الشخص وعلاقاته بالآخرين سواء في محيط العائلة أو الأصدقاء أو العمل؛ نقدم من خلال موقعنا أبرز العوامل التي تساعد على الإصابة بهذا المرض، أعراضه، تشخيصه. كما نعرض أهم النصائح والطرق التي ينصح بها المتخصصون للتخلص من الاكتئاب الصباحي.
الاكتئاب الصباحي Morning Depression
إن الاكتئاب هو شعور مزعج ينتاب الشخص في أوقات متفرقة من اليوم، ولكن يكون هذا الشعور أسوأ ما يكون في الصبح حيث يشعر الشخص بأنه لا يرغب في الاستيقاظ من النوم بسبب مزاجه السيء. كما أنه يفقده شعور الحيوية والنشاط، وبالتالي يؤثر على أداءه على مدار اليوم.
يُعرف الأطباء النفسيون الاكتئاب الصباحي على أنه أحد الأعراض التي يعاني منها الأشخاص المصابون باضطراب اكتئاب شديد؛ حيث تكون أعراض الاكتئاب لدى هؤلاء في الصباح أكثر حدة عنها في فترة المساء.
يمكن تعريف هذا المرض على أنه ذلك التغير المزاجي الذي يشعر به الشخص في الصباح، وهو يختلف كل الاختلاف عن الاضطراب العاطفي الموسمي لأنه لا يرتبط بالتغيرات المصاحبة لتغيير المواسم.
أسباب الاستيقاظ بمزاج سيئ
يمكن أن يُصاب الأشخاص بمرض اكتئاب الصباح ويستيقظ بمزاج سيء نتيجة وجود مجموعة من الأسباب النفسية والجسدية؛ ومن أبرزها ما يلي:
1- مشاكل النوم
عندما لا يأخذ الشخص القسط الكافي من نومه يوميًا؛ فإن ذلك الأمر يؤثر على حالته المزاجية في الصباح، وقد يصل الأمر إلى إصابته بالاكتئاب في الصباح. من جانب آخر؛ نجد أن الإصابة بالاكتئاب بشكل عام تتسبب في الإصابة بالأرق وصعوبة النوم خاصة في الليل.
2- انقطاع النفس الانسدادي النومي
يُعد انقطاع النفس الانسدادي النومي أحد أشكال اضطرابات النفس التي لها علاقة بالنوم، ويحدث ذلك نتيجة استرخاء العضلات المسؤولة عن دعم الأنسجة الرخوة الموجودة في الحلق واللسان والحنك مؤقتًا، مما ينتج عنه انقطاع النفس للحظة.
3- هرمونات التوتر
تعمل تلك الهرمونات على زيادة معدل ضربات القلب ورفع ضغط الدم وزيادة نسبة السكر في الدم وكذلك معدل التنفس، ويمكن أن تؤثر تلك الهرمونات على الحالة المزاجية للشخص لأنها قد تصيبه بالاكتئاب واضطرابات القلق وضعف الذاكرة والتركيز.
4- اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية
إن الساعة البيولوجية هي جزء موجود داخل الدماغ للعمل على ضبط نظام اليوم وإيقاعه خلال الفترة ما بين اليقظة والراحة، والهدف من ذلك هو السماح للشخص بالاندماج الكامل مع البيئة المحيطة به.
تتحكم تلك الساعة في النشاط الهرموني داخل جسم الإنسان المسؤول عن تمكين الشخص من الإستيقاظ في الصباح والنوم ليلًا.
كذلك نجد أن تلك الساعة تساعد على تنظيم إنتاج بعض الهرمونات في الجسم مثل هرمون الكورتيزول المسؤول عن منح الجسم الطاقة في الصباح، وهرمون الميلاتونين المسؤول عن جعل الشخص يشعر بالنعاس ليلًا.
عندما يحدث اضطراب في إيقاع الساعة البيولوجية؛ يبدأ الجسم في إنتاج الهرمونات في أوقات غير صحيحة، وبالتالي يؤثر ذلك على الصحة العامة للجسم، ويكون الجسم أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض ومنها مرض اكتئاب الصباح.
5- انترلوكين 6 IL-6
أثبتت عدد من الدراسات الحديثة أن ارتفاع مستويات المادة الكيميائية التي تُسمى الإنترلوكين 6 يكون مرتبطًا باصابة الشخص بمرض الاكتئاب أو اضطرابات الصحة العقلية.
كما أثبتت الدراسات أن أعلى نسبة لتلك الموجود تكون موجود بجسم المصاب في فترة الصباح الباكر مسببة ظهور أعراض اكتئاب الصباح.
تشخيص الاكتئاب الصباحي
عند زيارتك للطبيب للتأكد من إصابتك بمرض اكتئاب الصباح أم لا؛ فإنه سيقوم بتوجيه بعض الأسئلة إليك للتوصل إلى التشخيص الصحيح لحالتك؛ ومن أهم تلك الأسئلة:
- هل تعاني من حدوث تغيرات في الحالة المزاجية والنوم والوزن؟
- ما هي مدة استمرار الأعراض معك؟ هل تتحسن الأعراض أم أن الأمر يزداد سوءًا مع مرور الوقت؟
- أخبرني بعاداتك اليومية.
- هل تتناول أدوية محددة؟ ما هي الأدوية التي تؤثر على حالتك المزاجية؟
- أخبرني إذا كان هناك تاريخ عائلي أو شخصي لمرض الاكتئاب؟
ما هي علامات الاكتئاب النفسي؟
تختلف تصرفات مريض الاكتئاب عن الأشخاص الطبيعيين، وتشكل تلك التصرفات خطرًا حقيقيًا على حياة المُصاب وكذلك المحيطين به؛ ومن أهم السلوكيات التي تنتج عن الإصابة بهذا المرض ما يلي:
- يعاني المصاب من حالة هياج شديدة إلى جانب الشعور بالقلق المفرط.
- يميل المريض إلى العزلة وتجنب مشاركة أقاربه وأصدقائه المناسبات الخاصة بهم.
- عدم الرغبة في العمل، والميل إلى الخمول والشعور بالكسل الشديد.
- الإتجاه إلى التسويف في كافة الأعمال الموكلة إليه لفقده شعور الشغف وعدم الرغبة في إنجاز المهام اليومية في حياته العملية والشخصية.
- حدوث تغيرات في الوزن، وكذلك تغير شهيته سواء أن تزداد شهيته أو تقل وفقًا لحالته المزاجية.
- الأرق وصعوبة النوم أو فرط النوم في بعض الحالات.
- صعوبة الإستيقاظ في الصباح.
- قلة التركيز.
- الإصابة بنوبات غضب تُفقد المريض القدرة على السيطرة على حالته المزاجية.
- التفكير في أفكار انتحارية.
- عدم الاهتمام بالمظهر الخارجي.
- الميل إلى استخدام العنف خاصة مع المقربين.
- عدم تقبل الرفض أو النقد من الآخرين.
- يعاني المريض من أعراض أمراض جسدية ليس لها أي أساس طبي.
هل النوم في الصباح يسبب الاكتئاب الصباحي؟
لقد أشار الأطباء النفسيون إلى أن النوم في الصباح يمكن أن يكون سببًا في الإصابة باكتئاب الصباح الذي يحدث يوميًا للمريض في نفس التوقيت.
يرجع السبب في ذلك إلى أن ذلك الأمر يسبب حدوث اضطراب في إيقاع الساعة البيولوجية التي تشير إلى تنظيم دورة الاستيقاظ والنوم لدى المريض.
إن تلك العملية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتغيرات الهرمونية التي تحدث داخل جسم الإنسان والتي يمكن أن تكون سببًا في إصابته ببعض الأمراض النفسية؛ ومنها الإكتئاب أو اضطرابات القلق أو اضطرابات الصحة العقلية.
هل الاكتئاب الصباحي له علاقة باختلال الساعة البيولوجية؟
تشير الدراسات التي أُجريت مؤخرًا حول هذا الموضوع إلى أن اختلال الساعة البيولوجية يمكن أن يكون سببًا في الإصابة باكتئاب الصباح.
وذلك لأنه يتسبب في إنتاج الهرمونات المسؤولة عن استيقاظ الفرد صباحًا وشعوره بالنعاس ليلًا في وقت خطأ مسببًا اضطرابات النوم.
بالطبع تتسبب اضطرابات النوم على تغير الحالة المزاجية للمصاب، وفقد القدرة على القيام بأنشطته اليومية مما ينتج عنه إصابته بمرض الاكتئاب الصباحي.
متى يذهب الاكتئاب؟
يُعد الاكتئاب من أخطر الأمراض النفسية لأنه يتسبب في انعزال المريض عن البيئة المحيطة به، ويمكن أن يؤدي إلى التفكير في الانتحار. لذلك يجب على المريض التوجه إلى زيارة الطبيب المختص عند ظهور أعراض الاكتئاب فورًا لبدء العلاج.
تختلف فترة علاج الاكتئاب من شخص لآخر؛ حيث يمكن أن ينجح شخص في التخلص من الاكتئاب خلال شهرين، بينما يتخلص شخص آخر من أعراضه بعد مرور عام أو عامين، كما يمكن أن تتكرر نوبة الاكتئاب لدى البعض.
اقرأ أيضاً اكتشف أعراض الاكتئاب السوداوي وطرق علاجه
هل يمكن ان يستمر الاكتئاب مدى الحياة؟
لقد أشار المتخصصون إلى أن الاكتئاب يمكن أن يستمر مدى الحياة في حال تحول المرض إلى مرض مزمن؛ حيث يصعب حينها التخلص من أعراضه بطرق العلاج المتعارف عليها.
لذلك يُفضل بدء العلاج تحت إشراف الطبيب المختص فور شعور المريض بالإصابة حتى يتمكن من الشفاء منه.
كيف نحد من الاكتئاب الصباحي؟
يمكن علاج اكتئاب الصباح والحد من تأثيره على حياتنا من خلال تغيير بعض العادات اليومية التي نقوم بها؛ ومن أهمها ما يلي:
- الحرص على أخذ قسط كافي من النوم ليلًا وتجنب النوم في الصباح.
- عدم تناول المواد التي تحتوي على منبهات.
- البُعد عن التدخين.
- ممارسة الرياضة.
- تحديد أوقات ثابتة للنوم يوميًا.
- تناول أطعمة صحية.
ما هو علاج الاكتئاب الصباحي؟
يمكن علاج اكتئاب الصباح من خلال إتباع إحدى الطرق العلاجية النفسية والدوائية والتي يتم تحديدها من قِبل الطبيب المختص وفقًا لحالة المريض؛ ومن أهم تلك الطرق ما يلي:
1- العلاج بالأدوية
ينصح بعض الأطباء بتناول مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية التي يتم إستخدامها في الغالب في علاج الاكتئاب كنوع من أنواع مضادات الاكتئاب واضطرابات القلق وفي بعض حالات الإصابة بالأرق.
يتم وصف هذه الأدوية لأنها تساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب الحاد. يقوم البعض بوصف النوربينفرين وفينلافاكسين كأدوية لعلاج الاكتئاب خاصة الاكتئاب في الصباح.
اقرأ أيضاً هل يمكن استعمال دواء للاكتئاب بدون وصفة طبية؟
2- العلاج بالكلام
يلجأ البعض إلى استخدام طرق التغلب على الاكتئاب بدون أدوية مثل إستخدام العلاج السلوكي المعرفي أو العلاج النفسي أو العلاج الشخصي للتخلص من أعراض اكتئاب الصباح.
تكون تلك الطرق ذات تأثير إيجابي على حالة المريض، كما أنها تساعده في التخلص من أعراض المرض خلال فترة زمنية قصيرة.
3- العلاج بالضوء
تُعرف هذه الطريقة العلاجية بإسم العلاج بالضوء الساطع، ويتم إستخدامها في علاج الأشخاص المصابين بهذا النوع من الاكتئاب حيث يجلس المريض بالقرب من صندوق العلاج بالضوء الذي يصدر ضوء مماثل للضوء الطبيعي للشمس في الهواء الطلق.
يعتقد الأطباء النفسيون أن التعرض للضوء يؤثر على إنتاج بعض المواد الكيميائية داخل الدماغ والتي يكون لها تأثير في تغيير الحالة المزاجية للمُصاب.
4- العلاج بالصدمة الكهربائية ECT
يُعد هذا النوع من أنواع العلاج الغير دوائية التي يتم إستخدامها لعلاج بعض الأمراض النفسية مثل اضطرابات القلق والاكتئاب.
يعتمد هنا المعالج على تمرير تيارات كهربائية في الدماغ بينما يكون المريض تحت تأثير تخدير كامل بهدف تحفيز حدوث نوبة قصيرة.
يرى البعض أن هذه الطريقة يمكن أن تكون فعالة وناجحة في علاج حالات الإصابة بالاكتئاب الصباحي؛ فهي تتم تحت تأثير التخدير العام للجسم في بيئة محكومة تمامًا للحصول على أفضل نتائج للعلاج.
لكن على الجانب الآخر؛ يرى آخرون أن هذه الطريقة تُحدث تغيرات في كيمياء الدماغ، وقد يسبب ذلك الأمر في حدوث أعراض اكتئاب أكثر حدة.
في الختام؛ علينا أن ندرك أن الاكتئاب الصباحي يُشكل تهديدًا واضحًا على حياة المريض. لذلك إذا كنت تعاني من أعراض هذا المرض النفسي الخطير؛ عليك زيارة طبيبك المختص لتشخيص حالتك بدقة.
إذا تأكدت من إصابتك؛ عليك بدء رحلة العلاج فورًا للحصول على أفضل نتيجة للشفاء، وكذلك لتجنب تحول الحالة إلى اكتئاب مزمن يصعب علاجه.